الرئيسية »
كيف ومتى بدأت ألعاب الورق في الظهور وما سر شعبيتها
لطالما عرف البشر ألعاب الورق وأمضوا الأمسيات في لعبهما، فهي ألعاب مسلية وصالحة لكل زمان ومكان، ناهيك عن كونها عابرة للثقافات وعرفتها تقريباً معظم الشعوب حول العالم! وأضحت كل بلد تشتهر بلعبة محدّدة بين سائر البلدان، فمنذ قرون عرفت العرب ألعاب الورق واشتهرت عند أجيالهم المعاصرة ألعاب طرنيب وتركس الشراكة بشقيها، وتركس كمبلكس.
وفي السعودية ومنطقة الخليج عموماً، اشتهرت لعبة بلوت عند هواة ألعاب الورق، بل وصار الشباب يتهافت على تطبيقات الهواتف التي تحاكي لعبة بلوت، وذلك قبل حتى تفشي وباء لعبة الببجي على الهواتف الذكية، ومن خلال ألعاب الورق ذاع صيت طماطم كأحد الشركات الريادية المختصة في نشر الألعاب عبر التطبيقات الذكية في الخليج والشرق الأوسط عموماً.
الجذور التاريخية لألعاب الورق
كما أسلفنا الذكر في مطلع المدونة، عرف البشر ألعاب الورق منذ سالف العصر، إلا أن ألعاب الورق شهدت تحوّلاً تاريخياً مشهوداً حتى انتهت إلى حلّتها المتعارف عليها، أي 52 بطاقة تنقسم مناصفة إلى لونين؛ الأسود والأحمر، مع بطاقتي جواكر (ولا علاقة لفلم الجوكر بالأمر، فألعاب الورق سبقت ابتكار شخصيات الباتمان والجوكر بقرون).
تعود جذور ألعاب الورق إلى الشرق وحضاراته الضاربة في جذور القدم، قبل أن تشد الرحال إلى القارة العجوز أوروبا، فحطّت بداية على شواطىء البحر الأبيض المتوسط الشمالية ابتداءً من ايطاليا واسبانيا، ثمّ توجهت شرقاً إلى موطن الاختراع والتصنيع ألمانيا، ثم فرنسا، وهكذا دواليك إلى أن وصلت إلى الامبراطورية التي لم تغب عنها الشمس، تلك الجزيرة النائية شمال أوروبا بريطانيا. وأخيراً وصلت كحصيلة حاصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها سليلة الامبراطورية البريطانية.
الحكاية بدأت شرقا
لا يختلف المؤرخون حول ظهور ألعاب الورق في القارة الأوروبية لأول مرّة أواخر القرن الرابع عشر ومطلع القرن الخامس عشر، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الصدد: كيف وصلت إلى أوروبا؟ الجواب: بصعوبة بالغة… ممم كلّا وراء الأمر حكاية، بل اكثر من حكاية..
يبدو للمؤرخين أن ألعاب الورق ذات جذور آسيوية، لكن لم يجزم أحداً حتى الآن بذلك كواقعة تجمع عليها مراجع التاريخ، لكن من المؤكّد أنها وصلت لأوروبا لاحقاً عبر قبائل الغجر، الحملات الصليبية، أو التجّار. ربطت الأبحاث التاريخية نشأة ألعاب الورق بحضارات الشرق القديمة في الصين والهند وبلاد فارس ومصر، وسرعان ما نقلها العرب في أوج حضارتهم العربية الاسلامية إلى أوروبا. يعتقد بعض المؤرخين أن ألعاب الورق تم اختراعها في الصين ابان حكم سلالة تانغ في القرن التاسع قبل الميلاد. بينما ربط فريق آخر من المؤرخين بين نشأة ألعاب الورق وألعاب الشطرنج وحجر النرد، لكن يبقى الأمر موضع خلاف بين المؤرخين ولم يتم الجزم فيه إلى الآن!
حط الرحال إلى القارة العجوز
في المخطوطة التاريخية التي تعود لتاريخ 1377، ذكر الراهب الألماني يوهانس اوراق الشدة والألعاب المتعلقة بها. وفي القرن الخامس عشر ذكرت ألعاب الورق وارتبطت بألعاب حجر النرد في المواعظ الدينية ضمن موضع الشجب والتحريم باعتبارها نشاطات متصلة بالقمار (إذ لطالما تواجد الغلاة والمتزمتون في كل العصور وفي الغرب قبل الشرق لكنكم تحبون الأجانب الكفار هههه) وثمة دليل واضح يثبت وجود ألعاب الورق ببطاقتها ال 52 أثناء تلك الحقبة. كانت حزمة الأوراق في تلك الحقبة تحمل رموز على شاكلة الكؤوس، العملات، السيوف، وعصيان البولو وتم العثور عليها على أوراق الشدة المصرية القادمة من عصر المماليك! في حين أن أوراق الشدّة القادمة من نهايات القرن الخامس عشر في ايطاليا تضمنت ملك وملكة يزهو رأسها بالتاج الملكي إلى جانب الخادم. ويرمز الخادم في هذه الحالة إلى خادم الملوك ولو أنه يبدو للوهلة الأولى يرمز إلى الأمير.
سرعان ما انتقلت ألعاب الورق إلى بلاد الدويتشلاند، ألمانيا، وكعادة الألمان في الاعتزاز القومي الذي يصل لحد المبالغة أحيانا، قاموا باستبدال حلة الأوراق الايطالية باخرى خاصة بهم تحمل رموز مثل ثمار شجرة البلوط، الأوراق، القلوب والأجراس. لكن انتشار اللعبة بين أوساط الجرمان كان سريعا، مستلهماً سرعة سيارات المرسيدس والبورشه قبل أن توجد أصلا! يبقى الاسهام الأبرز الذي أضافه الألمان إلى اللعبة يتمثل في اسلوب طباعتهم للأوراق، دائما ما يتجلى الحس الصناعي عند أبناء الدويتشلاند، مستخدمين تقنيات تقطيع الأخشاب والنقش في الخشب والنحاس.
وأخيرا، بعد انتشار اللعبة في فرنسا، وصلت اللعبة إلى شمال القارة الأوروبية حيث الجزر البريطانية مهد الثورة الصناعية والرأسمالية، ومنها وصلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية موطن الثروات والفرص لتكمل رحلتها حول العالم بقاراته الخمس! لمزيد من المواضيع الأخرى الشيقة المتعلقة بأوراق الشدة وألعابها الاكثر انتشارا في الخليج والشرق الاوسط تفضل بمتابعة مدونة طماطم لنأتيك بالجديد!